كتب:شهد أسامة 

كيف تروج السوشيال ميديا لمفهوم الجمال الزائف؟

الصحة النفسية:الهوس بالتجميل محاولة للهروب من المشاعر .

الازهر: التجميل ممنوعاً إلا استثناءات.

نقابة المهن التجميلية:تعرفي علي فرق مراكز وعيادات التجميل.

الطب التجميلي: فيلير ال 1000 جنيه يؤدي إلي تشوهات جسدية.

الجمال الحقيقي يكمن في فطرة الانسان التي خلقه الله عليها، كما قال الله تعالي: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ” (التين: 4). إلا أنه في عصر السوشيال ميديا، أصبحت الصورة المثالية التي تروجها وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة عبر البلوجرز، تخلق هوساً عند الفتيات الصغيرات حيث يلاحقن الصورة “المثالية”ويجدن أنفسهن غارقات في عالم يعزز من قيمة الجمال الخارجي علي حساب الصحة والراحة النفسية.هذا الهوس بالصورة الزائفة دفع الكتير منهن إلي اللجوء للإجراءات التجميلية دون إدراك للعواقب الصحية والنفسية والدينية التي قد تترتب عليها.في ذات السياق، ظهرت بعض مراكز التجميل مستغلة هذه الظاهرة مؤدية لوقوع هؤلاء الفتيات الصغيرات ضحايا للعروض المغرية المقدمة، للظهور بأفضل”صورة”، التي يصل بها الحال إلي التشوهات الجسدية نتيجة استخدام مواد غير صالحة، بهدف الربح المادي. فهل يدرك الجميع خطورة هذه الظاهرة وما تحمله من مخاطر على صحة الفتايات ومستقبلهن؟

حلم الجمال المثالي يتحول إلى كابوس..قصص حقيقية للفتيات مع التجميل

في سن العشرين، لم تكن “ندي” تعاني من أي تجاعيد او علامات شيخوخة، لكن ما جذبها إلي حقن “البوتوكس”كان عرضاً مغرياً في احد المراكز التجميلية التي روجت لها احدي البلوجرز علي سوشيال ميديا، قررت أن تخوض التجربة، ولم تتردد في أخذ القرار سريعاً بسبب العرض المغري والسعر المنخفض، بعد إجراء العملية، بدأت ملامح وجهها تظهر بسكل مشدود وأكثر شباباً، لكن مع مرور الوقت بدأت تأثير البوتوكس يتلاشي تدريجياً، وظهرت لها تجاعيد لم تكم موجودة من قبل.ذكرت ندي:”لم أكن اتصور أنني سأواجه تجاعيد في وجهي بعد فترة قصيرة من إجراء البوتوكس ، وان اصبح مظهري مقدماً في العمر ، وانا في سن العشرين!”

من جانب اخر تابعت “رنا”(24عاماً)تجربتها مع حقن الفيلير لتكبير الشفاه، بعد أن كانت تشعر دائما بعدم التوازن في ملامح وجهها، خاصة في منطقة الشفاه.كانت تبحث عن مظهر أكثر امتلاءً وتناسقاً،لتتوجهه إلي احدي عيادات التجميل، بعد اجراء العملية، فوجئت”رنا” بأن النتيجة كانت بعيدة عن تواقعتها حيث ظهرت شفاهها بشكل غير متناسق، مما أصابها بصدمة نفسية. موضحة: “شعرت أن شكلي أصبح مشوهًا، وكان تأثير ذلك على ثقتي بنفسي كبيرًا، خاصة بعدما كنت أرى نفسي بشكل مختلف تمامًا في صور السوشيال ميديا.” هذه التجربة دفعتها للتفكير في تأثير الصور المثالية التي يروج لها المؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي، وكيف يمكن أن تشكل ضغوطًا نفسية على الفتيات.

علي صعيد اخر في محاولة لتحسين ملامح وجهها، قررت “سلمي”(23عاماً)حقن الفيلير في خديها، حيث كانت تشعر ان حجم خديها صغير بالنسبة لبقية ملامح وجهها. بعد الإجراء، أصبح شكل وجهها أكثر املاءً وتناسقاً، مما منحها شعوراً بالرضا عن مظهرها. ورغم ان سلمي كانت سعيدة بالنتيجة في البداية، إلا أنها تدرك الان أن التغييرات التي قد تبدو صغيرة قد تؤثر علي ملامح الوجه بشكل غير متوقع مع مرور الوقت، مشيراً إنها كانت تبحث عن تحسين ملامحها بطريقة معينة ، ولكن أدركت أن الجمال الطبيعي هو الافضل.

الفتيات في سن الـ15 لماذا تزداد رغبتهم في التجميل؟

قالت د/ شيرين نصر:، اخصائية الجلدية والتجميل،أن هناك تغيرات لاحظتها في السنوات الاخيرة عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على سلوك الفتيات تجاه التجميل، مشيرة إلى أنها أصبحت ترى فتيات في سن 15 عامًا يطلبن إجراء تجميلية بسيطة مثل الليزر والديرمابن، وأن الفتيات في سن 20 عاماً فيما فوق قد يطلبن اجراءات تجميلية اكثر تعقيداً مثل الفيلير والبوتوكس.

موضحة ان هناك فرق بين الاجراءات التجميلية الجراحية والغير جراحية، مشيرة أن الفيلير والبوتوكس من الاجراءات الغير جراحية التي لا ترتبط بسن معين ولا تشكل خطرًا صحيًا إذا تم تنفيذها بشكل سليم. ومع ذلك، أكدت أن موافقة الأهل تُعد ضرورية في حالة الفتيات اللاتي تقل أعمارهن عن 18 عامًا. وأضافت: “إذا جاءني فتاة في سن15 عامًا ترغب في إجراء الفيلير، لا أستطيع أن أقدم لها هذه الخدمة دون موافقة الأم”.

في ذات السياق، أكدت د/ شيرين أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً صور البلوجرز والفنانين،جعلت الكثير من الفتيات يسعين إلي الوصول إلي الجمال المثالي،موضحة أن الفتيات في كثير من الاحيان لا يكن علي الوعي الكافٍ بتأثير هذه الإجراءات علي المدي الطويل ،مما قد يؤدي إلى تكرار الإجراءات بسبب عدم الرضا عن النتيجة. وأضافت: “أحيانًا بعد إجراء التجميل، تبدأ الفتيات في الشعور بالندم لأنهن يطالبن بالكمال، ويقعن في دائرة لا تنتهي من التجديد والتعديل”.

وفيما يخص المخاطر الصحية، حذرت من استخدام مواد تجميلية غير موثوقة، وأكدت أن الأسعار المنخفضة جداً مثل فيلير ب1000 جنيه قد تكون مؤشرًا لاستخدام مواد غير آمنة، ما قد يؤدي إلي مشاكل صحية. واوصت الفتيات بضرورة استشارة الأطباء المختصين والاهتمام بجودة المواد المستخدمة والتوجهه إلي العيادات الطبية بدلاً من مراكز التجميل الغير مرخصة.

نفسياً:التجميل كحل مؤقت

اما عن الصحة النفسية قال :أ/ عمر عبدالله اخصائي النفسي وتعديل السلوك، إن “السوشيال ميديا أصبحت جزءًا أساسيًا في حياتنا اليومية، لكن هذا الانتشار الكبير قد يكون له تأثيرات سلبية على الفتيات اللاتي يتابعن المشاهير والبلوجرز. فكلما رأت الفتاة صورًا معدلة ومفلترة لأشخاص يظهرون في مظهر مثالي أو يعيشون حياة مثالية، تبدأ في المقارنة بينها وبين الآخرين. هذه المقارنة تؤثر بشكل كبير علي ثقة الفتاه بنفسها ، وقد تشعر بأنها ليست كافية او ليست جميلة بما فيه كفاية”.

مضيفاً :أن التفاعل المستمر مع هذا المحتوي المثالي والمعدل قد يخلق حالة من الإحباط وعدم الرضا عن الذات، ومع مرور الوقت، قد تصل الفتاة إلى مرحلة قد تكون فيها مستعدة لتغيير شكلها الخارجي، سواء من خلال اتباع أنظمة غذائية قاسية أو الخضوع لعمليات تجميل في الوجه أو الجسم، ظنًا منها أن هذا سيساعدها على الشعور بالقبول أو الرضا عن نفسها”.

تابع أ/عمر أن”الهوس بالتجميل في بعض الأحيان يكون محاولة للهروب من المشاعر القلق او عدم الأمان.بعض الفتيات يعتقدن أن تحسين مظهرن سيجعلهن يشعرن بالرضا عن أنفسهن، لكنهن يكتشفن بعد فترة أن هذا الشعور مؤقت ويعود القلق ليتجدد”. وأشار إلي أن”قد يؤدي إلي سباق مستمر نحو الكمال دون الشعور الفعلي بالرضا”.

موضحاً إن”الفتيات في مرحلة المراهقة يتأثرن بشكل كبير بما يرونه علي السوشيال ميديا، حيث يعتقدن أن ظهور المشاهير والبلوجلرز يشكل مثالي دائماً، هذا هو المظهر الطبيعي الذي يجب ان يكونن عايه.في هذه المرحلة. يواجهن ضغطاً احتماعياً تكبر للتغير من شكلهن، وقد يتخذن قرارات متسرعة دون تفكير في عواقب ذلك ذلك علي مدي بعيد”.

من ناحيته أكد أ/عمر بأن “قبول الذات هو الأساس في التعامل مع المظهر. إذا كان التجميل نابعًا من رغبة حقيقية لتحسين المظهر والراحة النفسية، فلا مشكلة في ذلك. لكن إذا كان التغيير يحدث من أجل إرضاء الآخرين أو بسبب ضغط اجتماعي، فيجب على الفتاة أن تعيد تقييم نظرتها لذاتها”.

الفرق بين مراكز التجميل والعيادات الطبية: ما يجب أن تعرفه قبل اتخاذ قرارك

من جانب اخر أكدت الاستاذة شيماء سليم، رئيسة اللجنة النقابية للمهن التجميلية بفرع القاهرة، علي أن المراكز التجميلية “البيوتي سنتر” يجب أن تكون مرخصة ولديها سجل تجاري رسمي وان يكون العاملين بها من تخصصات للبشرة والشعر حاملين كارنية النقابة بعد اجتياز عدة اختبارات، وذلك لضمان التزامها بالقوانين واللوائح المعتمدة، كما وضحت أن النقابة تتابع بدقة إلتزام المراكز بالتعليمات التي تمنع استخدام اجهزة الليزر وحقن الفيلير والبوتوكس في مراكز التجميل ، وتسمح بأستخدام بدائل آمنه.

وأوضحت أن الحصول على الترخيص لمراكز التجميل يتطلب شهادة من اللجنة النقابية، التي تتأكد من توافق المركز مع المعايير التي تحددها النقابة. كما أكدت أن أي مركز يخالف اللوائح المعتمدة يتم شطبه من النقابة ويخضع للتحقيق، ويجب أن تكون جميع المواد المستخدمة في المراكز مرخصة من وزارة الصحة.

 

أشارت أ/ شيماء إلى الفرق بين مراكز التجميل والعيادات الطبية، مؤكدة أن المراكز التجميلية لا يمكنها إجراء عمليات تجميلية أو حقن مثل الفيلر والبوتوكس. وأكدت أنه في حال الرغبة في هذه الإجراءات، يجب على الفتيات التوجه إلى العيادات الطبية المتخصصة التي يشرف عليها أطباء مختصون.

وتابعت في حال تعرض فتاه لضرر من قبل مركز تجميل يجب تقديم شكوي مسندة إليها بالواقعة والتوجهه إلي الشؤون القانونية للنقابة وسوف يتم اخذ الإجراءات الازمة لتحقيق في الواقعة وتعرض المركز لتحقيق والمحاسبة القانونية

جدير بالذكر أن اللجنة النقابية للمهن التجميلية تابعة لوزارة القوي العاملة وتحت اشراف الجهاز المركزي للحاسبات وتم تأسييها في عام 2017 طبقاً لقانون رقم 213 لسنة 2017 بشأن المنظمات النقابية العمالية. وتقوم اللجنة بتنظيم بشكل دوري حملات توعية وورش عمل لتعريف العاملين والجمهور باللوائح والمعايير الخاصة بمجال التجميل، كما تعمل على نشر قائمة المراكز المعتمدة عبر موقع النقابة الإلكتروني لتيسير الوصول إليها.

حكم التجميل في الإسلام: متى يجوز التعديل في الشكل؟

قال الشيخ محمود صابر، احد علماء الازهر الشريف وإمام وخطيب بوزارة الاوقاف، أن التجميل ممنوعاً في حالات تغير الشكل الفطري لإنسان، حيث يُعد ذلك من العبث في خلق الله، مشيراً إلي أن هناك استثناءات تتعلق بالحالات المرضية، مثل العيوب الخلقية او التشوهات الناجمة عن الإصابات.

وفي تصريحات له ، أشار الشيخ محمود صابر إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن صورة، ومن ثم لا يجوز لأي شخص تغيير هذه الصورة دون سبب شرعي. وأضاف أن أي تعديل أو تغيير في خلقة الله يعد غشاً وتزويراً، مشدداً على أن هذا التصرف يعد اتباعاً للشيطان، وخصوصاً في حال كان التغيير يتم لأسباب غير ضرورية.

وأوضح الشيخ صابر أن القرآن الكريم قد حث على احترام خلق الله، وأشار إلى قول الله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم”(الاسراء:70) .مؤكداً أن أي محاولة لتغيير هذه الصورة تدل على عدم الرضا عن خلق الله سبحانه وتعالى.

كما أضاف الشيخ محمود أنه إذا قامت فتاة بإجراء أي تعديل تجميلي، وشعرت بالندم بعد ذلك، فيمكنها التوبة إلى الله والاستغفار، مؤكداً أن الله غفور رحيم، ويقبل توبة عباده. وبيّن أن التوبة هي الطريق للعودة إلى الله، وأنه لا يوجد شيء في الإسلام يمنع من العودة إلى الطريق المستقيم طالما كانت النية صافية.

وشدد الشيخ صابر على أن الجمال الحقيقي لا يكمن في المظهر الخارجي، بل في العفة والطهارة النفسية والداخلية. وأضاف أن الفتاة أو الشاب الذي يلتزم بتعاليم الإسلام يجد في نفسه نوراً وسعادة حقيقية، ويشعر بطمأنينة وراحة نفسية، حيث قال: “إذا التزم الأولاد والبنات بتعاليم الله واتباع الدين الإسلامي، فإن الله سيظهر فيهم النور والسعادة، ويشرح صدورهم.”

وفي هذا السياق وجه الشيخ محمود صابر رسالة إلى شباب الأمة الإسلامية، داعياً إياهم إلى الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي، والابتعاد عن المغريات التي تهدف إلى تغيير الخلق الإلهي. وأكد أن اتباع هذا الطريق الصحيح يضمن لهم حياة مليئة بالسلام الداخلي والسعادة الحقيقية.

Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *