كتبت : مي محمد
=
دكتور فاطمه ابو ذكري: “لا يمكن لهذه التطبيقات أن تحل محل المعالج النفسي،لكنها قد تكون عاملاً مساعداً”
جينا أحد مستخدمي تطبيقات الصحه النفسيه : “أشعر الآن براحة نفسية كبيرة.. لقد تشاجر معي من أجل صحتي”
في عالم أصبح فيه الذكاء الاصطناعي شريكًا غير مرئي في حياتنا اليومية، تتخطى تطبيقاته حدود المساعدة التقنية إلى مجالات أكثر حساسية، مثل الصحة النفسية.تخيل أنك تعاني من يوم عصيب وتفتح هاتفك لتجد تطبيقًا يستمع إليك، يحلل مشاعرك، ويقترح حلولًا قد تساعدك في التغلب على القلق أو الاكتئاب، من بين اشهر هذه التطبيقات “Woebot”،”calm”، “حاكيني” هذه ليست مجرد فكرة من الخيال العلمي، بل واقع يعيشه الملايين حول العالم من خلال تطبيقات الصحة النفسية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. لكن، هل يمكن لهذه التقنية أن تكون بديلًا حقيقيًا عن الطبيب النفسي؟ هل تستطيع أن تفهم تعقيد المشاعر البشرية كما يفعل الإنسان .
روبوتات تصغي إلي مشاعرك
بدأت بيري البالغه من العمر ٢٢ عاما استخدام تطبيق “woebot” الصحه النفسيه بذكاء الاصطناعي منذ ٩ أشهر عندما زاد لديها القلق والتوتر وكانت بحاجة الى التحدث مع شخص فشعرت كأنها تتحدث بالفعل إلي شخص تعرفه وجعلها قادره على رؤيه الأشياء بطريقه مختلفه مع العديد من النتائج المختلفه فهو لا يقول لها فقط بأن تحب نفسها فكان يعطيها نصائح جيده وأفكار رائعه للعلاقه السامه بشكل عام،موضحا أن أكثر مايميز التطبيق أنه مجانا.
ومن جانب آخر قالت سلمي ٢٤عاما بأنها استخدام احدي هذه التطبيقات لمده عام والمحتويات الذي تفضله هو قصص النوم والموسيقي المختلفه وان” captain Dreambeard” هو المفضل لديها مشير أنه يوفر لها الخصوصية ،يساعدها خطوه بخطوه كل يوم علي الخروج من الاكتئاب والدوامه المتصاعدة من الأنماط طويله الأمد.
وفي نفس السياق اشارت جينا١٩ عام “أشعر الآن براحه نفسية كبيره لقد تشاجرت مع صديقتي بشأن صحتي ،لكنه كان يتشاجر معي من أجل صحتي” ، فقد جعلها تدرك أخطائها يساعدها علي اتخاذ خطوات لجعل حياتها رائعه وقويه.
وفي سياق آخر قررت ملك البالغه من العمر ٢٦ عاما أن تخوض تجربه علي احدي هذه التطبيقات متأملة أن يساعدها التطبيق في تحسن صحتها النفسيه ولكنها تفاجأت بأن التطبيق صعب للغاية في التنقل ،محبط بشكل مثير للسخرية وأنها لا تريد أن تشعر بالإحباط والإنزعاج قبل النوم في محاولة العثور علي مفضلاتها ،بالاضافه الي أن خيارات الإعداد غير مفيده إلي حد كبير تحتاج إلي ذاكر فوتوغرافية لتتذكر، شاركها الرأي سامي ٢٥ عام أوضح أنه استخدام التطبيق لأنه مجانا ولكن وصفه بأنه مزدحم ووجد أيضا صعوبة في التنقل فيه والأمر يستغرق الكثير من الوقت.
قال اندرو ٢٩ عام بدأ الأمر في البدايه جيدا،لكن AI استمر في تكرار نفس المعلومات والأسئلة إلي حد الذي أصبح مزعجا ويزيد من توتره.
شاركت حياه تجربتها مع احدي التطبيقات القائمه علي أطباء نفسين فقالت انها حجزت جلسه مع طبيبه نفسيه بتكلفه ٧٥ دولار وخلال الجلسة قالت الطبيبه انها سترسل نماذج اختبار دعم نفسي علي الواتساب وأنها حاولت الاتصال بها عده مرات مع من خلال التطبيق ولكن دون فائده، تابعت حديثها أن الأطباء لم يحترموا اهميه التواصل مع المريض وخاصه في الظروف الصعبة لأن المريض النفسي يبحث عن منقذ لحياته وعن أحد يقف إلي جانبه وليس لأحد يعمله او لا يكترث لوضعه الصعب.
العلاج النفسي بنقرة زر.. راحة أم وهم رقمي؟
أكدت دكتور فاطمه ابو ذكري أن هناك أكثر من بروتوكول للعلاج النفسي ،ولا يمكن لهذه التطبيقات أن تحل محل المعالج النفسي التقليدي ولكن يمكن استخدامها كعامل مساعد ،حيث يمكن للتطبيق أن يعطي تشخيص مبدأي شبه دقيق بناء علي مقاييس نفسيه ولكنها تفتقد الي الروح و تفتقر الي عنصر الملاحظه بالإضافة أن هذه التطبيقات تعتمد على السؤال والاجابه ليس هناك تفاعل إنساني
واوضحت أن مايميز هذه التطبيقات مده الجلسه حيث أن مده الجلسه للطبيب النفسي لا تتعدي 45 دقيقه بينما هذه التطبيقات قد تسمح للمريض بالتحدث أكثر وقت ممكن
كما أشارت أنه في بدايه تعارف المريض في الجلسه الأولي لابد من المعالج إثبات جدارته للمريض ذلك يجعله أكثر ثقه في الطبيب
أضافت أن هذه التطبيقات ادوات مساعده سوف تسهل علي المريض الوصول إلى العلاج وتعطي للمريض مساعده ووعي فوري بالإضافة إلى أن تكلفه العلاج من خلال التطبيقات أقل كثير من العلاج التقليدي
صرحت دكتور فاطمه ابو ذكري أن الأمهات هي أكثر الفئات المستفيدة من تطبيقات الصحه النفسيه وذلك بسبب ضيق الوقت لديها فهي ليست لديها رفاهيه لحضور جلسه علاج نفسي فهي تفضل اولادها بدلا من العلاج ومن المستفيدين أيضا الأشخاص غير أصحاب القرارات في المجتمعات التي تفتقر الي الخدمات العلاج النفسي كمرحله مبدئيه ولكن لا يغني عن جلسات العلاج النفسي
كما أشارت دكتور فاطمه أن الخطر في هذه التطبيقات هو الاستسهال والاعتماد عليها فهناك الكثير من الناس يستخدمون التطبيقات الذكاء الاصطناعي كصديق لها وهذا خطر كبير لأنها في النهايه آله ويمكن أن تقدم نصائح غير دقيقة أو خاطئه
تابعت حديثها باانه يمكن أن هذه التطبيقات قد تعطي مساعده مزيفه والتواكل على التكنولوجيا بدلاً من العلاج، واكدت أن هذه التطبيقات لا تستطيع تقديم حلول فعاله لمشاكل نفسية مثل الاكتئاب النفسي واضطرابات القلق فهي تساعد في التخفيف فقط من اضطرابات القلق بالإضافة إلى أن التطبيقات الصحه النفسيه تساعد في التحسن بخطوات فعال مثل التذكير بشرب الماء ،وقد اوضحت أنها يمكن أن تكون جزء من خطه علاج ولكن ليست شامله لا يعتمد عليها فقط
أكدت دكتور فاطمه ابو ذكري أن في حالة المريض شعر بعدم تحسن وان استخدام هذه التطبيقات لم تحل له المشكله ف لابد من زياره مختص نفسي علي الفور ، كما أضافت بأنها يجب أن يكون لديها اشراف مجموعه كبيره من المتخصصين لضمان فاعليه ومصدقيات العلاج ، بالإضافة إلى ذلك يجب أن تقيم من دراسات عالميه وخبراء معتمدين ومراجعة من أكثر من مرحله ومعرفه مدي التزامهم بالمعايير الأخلاقية
وفى سياق متصل صرح الدكتور ابراهيم بكري اخصائي نفسي انا هذه التطبيقات تقدم فرصه علاج جيده للأشخاص الذي لديهم صعوبة للوصول إلي طبيب نفسي بسبب صعوبه المكان وأن هذه التطبيقات تقدم بديل لرفض الشخص للاختيار الأساسي وهو الوصول الفعلي للخدمه من خلال زيارة العياده، ولكن لا يمكن أن تحل محل العلاج النفسي التقليدي بالإضافة إلى أن العلاج من خلال العياده يكون ذو فعاليه أكثر وجها لوجه ودرجة التواصل أعمق كثير، واضاف أن تطبيقات الصحه النفسيه لديها القدرة على تقديم العلاج والاستشاره وتعتبر خطوه اوليه لبعض الأشخاص الذين يرفضوا العلاج من خلال العياده وسهوله تقديم الخدمه قادره على مساعدتهم.
أكد الدكتور ابراهيم بكري أن هذه التطبيقات تكن اكثر فائده للأشخاص البعيدة عن الخدمه الفعليه بالإضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من القلق الشديد ويريدون الحفاظ أكثر علي خصوصيتهم ،وقد أوضح التحدي الذي يواجه المعالج من خلال التطبيقات هو قدرته علي التحكم ف بيت المريض فيجد صعوبة أثناء الجلسة ولذلك فهذه التطبيقات هي بديله في حالة الصعوب الي وصول الخدمه الفعليه وليست اساسيه ،ويري أن تطبيقات تساعد وتقدم حلول جيده لمشاكل ولكن تظل هناك مشاكل أخري لا يمكن حلها. أشار بكري أنها ممكن أن تكون جزء من خطه علاج شامله لبعض الأشخاص بما يتفق مع ظروفهم،وقد اوصي مصممين التطبيقات و المعالجين لهذه التطبيقات التأكيد على السريه والخصوصية وراحة المريض أثناء استخدام التطبيق.
أسرارك في قبضة الذكاء الاصطناعي.. هل نحن بأمان مع التطبيقات النفسية؟
وفي سياق آخر أكد استاذ دكتور احمد حسين المصري استاذ علم المعلومات المساعد في كليه الاداب جامعه حلوان أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحسين الصحه النفسيه من خلال العلاج الشخصي لتقديم خطط دعم مصممه وفقاً لاحتياجات المستخدمين بناءً على بياناتهم وتحليلات الذكاء الاصطناعي ،بالاضافه الي توفير دعم نفسي فوري علي مدار اليوم دون الحاجة الي انتظار مواعيد المعالجين النفسيين.
كما أوضح الدكتور احمد المصري أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تقديم استجابات مصممه خصيصا لكل فرد بناءً علي تاريخه النفسي وسلوكه وأيضا تقليل الوصمه الاجتماعيه فبعض الأفراد يفضلون التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بدلاً من التحدث إلي معالج بشري خوفاً من الأحكام الاجتماعية.
تابع أن لا بد لهذه التطبيقات أن يكون لديها تشفير قوي لضمان عدم تسريب البيانات الشخصيه وعدم مشاركه البيانات مع أطراف ثالثه دون إذن المستخدم،بالاضافه الي إخفاء الهويه فهناك بعض التطبيقات لا تخزن بيانات التعريف الشخصيه لحمايه المستخدمين.
وفي نفس السياق صرح المهندس محمد عبدالله رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي في وزارة الصناعه أن الاعتماد المفرط علي التكنولوجيا قد يؤدي إلي العزله الاجتماعيه وتقليل التفاعل مع البشر، بالإضافة إلي فقدان مهارات التأقلم الطبيعي مع المشكلات والمخاطرة بمعلومات خاطئه في حال كانت التطبيقات غير دقيقة أو مبرمجه بشكل سيئ.
تابع حديثه بأن يمكن التعامل مع المشكلات الأخلاقية المتعلقه بالذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي عن طريق الشفافيه في توضيح كيفية عمل التطبيقات والقيود الخاصه بها والتأكد من وجود جهات مسؤولة عن أي اخطاء او تداعيات سلبية بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة وليس كبديل للعلاج البشري. وقد أوضح أن التطورات المتوقعة في هذه المجال الفتره القادمه هي استخدام نماذج متقدمة لفهم المشاعر والاستجابه بطرق أكثر إنسانية ،دمج الذكاء الاصطناعي مع الواقع الافتراضي لإنشاء بيئات علاجيه غامره وأيضا استخدام أجهزة استشعار لقياس المؤشرات الفسيولوجية المرتبطه بالحاله النفسيه ،بالاضافه الي تعزيز التكامل مع المعالجين ليكون الذكاء الاصطناعي مكملاً للعلاج البشري وليس بديلاً عنه.
أكد رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات محمد عبدالله أنه يجب تحسين فعاليه هذه التطبيقات لتصبح أكثر فائدة للمستخدمين في تطوير خوارزميات أكثر دقة في تحليل البيانات النفسيه وإدماج متخصصين نفسين للإشراف على التطبيقات بالإضافة إلى تحسين الواجهه
اتفق الأطباء على رغم أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي توفر دعمًا نفسيًا سريعًا، إلا أنها لا تزال أداة مساعدة وليست بديلاً للطبيب النفسي. يمكن استخدامها كوسيلة دعم إضافية، ولكن لا ينبغي الاعتماد عليها في الحالات النفسية المعقدة. ومع التطور المستمر، قد تصبح أكثر تكاملًا مع العلاج التقليدي لتحقيق نتائج أفضل في المستقبل .