كتبت:رحمة هاني- رحمة هاني
في أحد أحياء المنصورة الهادئة، كان هناك طفل يلعب كرة القدم بحماس، يحلم بأن يصبح نجمًا لامعًا, لم يكن يعلم أن رحلته ستكون مزيجًا من الانتصارات والانكسارات, بدأ مشواره في أحد أندية الدرجة الرابعة، لكنه كان واثقًا بأن مستقبله سيكون أكبر من ذلك.
محطة الدقهلية حيث بدأ الظهور
محمد صبحي, هذا الحارس الصاعد الخاطف لأنظار من رأوه يلعب منذ صغره، لم يمضِ وقت طويل حتى انضم لمنتخب الدقهلية، حيث تنافس مع فرق المحافظات الأخرى، وكانت هذه المحطة نقطة تحول في حياته، إذ لفت أنظار كبار الأندية المصرية، مثل إنبي، الزمالك، الإسماعيلي، وحتى الأهلي.
إنبي يخطف الموهبة الصاعدة
في عام 2004، وقّع محمد صبحي لنادي إنبي، ليبدأ رحلته الاحترافية في القاهرة.
ورغم التحديات التي واجهها، إلا أن طموحه كان أقوى، فسرعان ما أثبت نفسه مع فريق الناشئين، حتى أصبح قائدهم وهو لا يزال في الخامسة عشرة من عمره.
التألق في الدوري الممتاز والمشاركات الدولية
مع مرور الوقت، أصبح اسم محمد صبحي لامعًا في الدوري الممتاز، وارتدى قميص منتخب مصر للشباب، حيث شارك في بطولات كبرى، مثل كأس العالم للشباب وكأس الأمم الإفريقية، مما عزز مكانته كنجم صاعد.
الأولمبياد والعروض المغرية التي لم تكتمل
بعد تألقه في كأس العالم للشباب بكولومبيا، انضم للمنتخب الأولمبي تحت قيادة هاني رمزي، وشارك في أولمبياد لندن 2012.
وبعد عودته، انهالت عليه العروض من أندية عريقة، لكن ناديه رفض التفريط فيه بسبب ضعف العروض المالية.
فرص الاحتراف الضائعة.. بداية الإحباط
لم تكن العروض محلية فقط، بل جاءت له فرص للاحتراف في النمسا والبرتغال، لكن النادي تمسك به بحجة المنافسة على بطولات الدوري والكأس, لم تكن قراراته بيده، وكانت هذه اللحظة بداية التغيير في مسيرته.
من التألق إلى دكة البدلاء.. حين يخذلك الواقع
بحلول 2014، بدأ الإحباط يتسلل إليه، خاصة بعد أن وجد نفسه حبيس دكة البدلاء تحت قيادة المدرب طارق العشري, في الوقت الذي كان فيه زملاؤه يتألقون وينالون فرصهم، كان هو خارج الحسابات.
طلب صبحي الرحيل على سبيل الإعارة، لكن ناديه رفض مجددًا، مما أثّر على مستواه الفني والذهني.
أخيرًا، قرر الانتقال إلى نادي أسوان، تحت قيادة عماد النحاس، رغم الفارق الكبير في الإمكانيات بين الناديين، بحثًا عن فرصة جديدة.
الضغوط الشخصية.. حين تتكالب المصاعب
لم تقتصر معاناته على الملعب فقط، بل امتدت إلى حياته الشخصية, واجه أزمات زوجية وعائلية، ثم فقد والديه في فترة متقاربة، مما زاد من أعبائه النفسية، وأضعف تركيزه على الرياضة، حتى بدأ يبتعد عن الملاعب دون أن يدرك كيف حدث ذلك.
محاولات العودة والدعم المفقود
رغم كل شيء، لم يستسلم محمد صبحي، وحاول العودة بشتى الطرق، متواصلًا مع زملائه القدامى، مثل محمد صلاح، محمد النني، وأحمد الشناوي، لكنه لم يجد الدعم الذي كان يتوقعه، سواء في الحصول على فرصة تدريبية أو تأسيس أكاديمية لكرة القدم.
الانتقال إلى حياة جديدة بعيدًا عن الكرة
مع مرور الوقت، اضطر للعمل في مجالات بعيدة عن كرة القدم، مثل المقاهي والمشروعات الصغيرة، محاولًا بناء حياته من جديد, كان التغيير صادمًا، لكنه لم يكن يملك خيارًا آخر.
نهاية مسيرة أم بداية جديدة؟
اليوم، عندما ينظر محمد صبحي إلى مسيرته، يشعر بمزيج من الفخر والخذلان, كان لاعبًا دوليًا، وتألق في الدوري الممتاز، وكان قريبًا من الاحتراف الأوروبي, لكنه وجد نفسه وحيدًا، بلا دعم من الأندية التي خدمها لسنوات، أو حتى زملائه الذين شاركهم النجاح.
ورغم الصدمات التي عانى منها، لم يسمح لليأس بالسيطرة عليه, أدرك أن الحياة لا تتوقف عند حلم واحد، وهو اليوم يعيد بناء نفسه بعيدًا عن المستطيل الأخضر, قد لا يكون كما حلم يومًا، لكنه يؤمن بأن في كل نهاية بداية جديدة، وأن الحكايات العظيمة لا تنتهي، بل تتشكل بطرق غير متوقعة.