كتب/فارس محمد ـ محمد احمد

المهندس إسلام محمد: شبكة الطرق تحسنت لكن الحوادث لن تنخفض بدون وعي مروري

المستشار سامي مختار: الحد من الحوادث لن يتحقق إلا بتضافر الجهود

على امتداد الطرق السريعة والشوارع المزدحمة لا يمر يوم دون وقوع حادث جديد يضاف إلى قائمة طويلة من المآسي التي تحصد الأرواح وتخلف وراءها جراحًا لا تندمل حوادث الطرق لم تعد مجرد أرقام في تقارير رسمية بل تحولت إلى أزمة مستمرة تؤرق المجتمع بأكمله وسط تساؤلات متزايدة حول الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع معدلات الحوادث ومدى فاعلية القوانين والإجراءات الوقائية في الحد منها وهذا ما سوف نكشفه في التقرير كالتالي:

شهدت مصر بين عامي 2019 و2024 وقوع عدد هائل من حوادث الطرق حيث وثّقت الإحصائيات الرسمية تسجيل أكثر من 33 ألف حالة وفاة وما يقرب من 315 ألف إصابة بسبب حوادث السير مع تباين ملحوظ في أعداد الضحايا على مدار السنوات ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نجحت مصر في تقليل معدلات الحوادث بنسبة 25% خلال العام الجاري إلا أن هذه النسبة لا تزال غير كافية أمام حجم الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن هذه الكوارث المتكررة.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية فإن العامل البشري يأتي في مقدمة الأسباب المسؤولة عن الحوادث حيث تشير التقديرات إلى أن 80% من حوادث الطرق تحدث نتيجة أخطاء بشرية تتراوح بين السرعة الزائدة وعدم الالتزام بقواعد المرور والقيادة تحت تأثير المخدرات أو الكحول.

بين التشريعات والواقع هل القوانين رادعة

وفي محاولة للحد من نزيف الأسفلت وضعت الدولة المصرية العديد من القوانين والعقوبات لمخالفي قواعد المرور إلا أن فعاليتها تظل محل نقاش ووفقًا للواء أيمن السيد الخبير المروري فإن القانون ينص على فرض غرامة تتراوح بين 50 و200 جنيه لمن لا يستخدم حزام الأمان أثناء القيادة في حين يُعاقب بالحبس لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة تصل إلى 500 جنيه كل من يقود المركبة بسرعة تتجاوز الحد المسموح به أو بدون رخصة قيادة سارية.

أما القيادة تحت تأثير المخدرات أو الكحول فتُواجه بعقوبة أشد حيث تصل مدة الحبس إلى عام بالإضافة إلى غرامة تتراوح بين 500 و1000 جنيه ومع ذلك يرى اللواء أيمن السيد أن هذه العقوبات رغم أهميتها لا تزال بحاجة إلى تعديلات تجعلها أكثر ردعًا مطالبًا بتكثيف حملات الكشف عن المخدرات للسائقين على الطرق السريعة في أوقات متفرقة على مدار اليوم.

إجراءات وقائية ولكن هل تكفي

من جانبه أكد المستشار سامي مختار رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم أن الدولة قامت بمجهودات كبيرة لتطوير شبكة الطرق والبنية التحتية إلا أن الحد من الحوادث يتطلب تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني لتعزيز الوعي المروري.

 

وأشار مختار إلى أن الجمعية أطلقت حملات توعية عديدة أبرزها حملة السرعة هلاك لا محال التي تهدف إلى توعية الشباب بمخاطر السرعة الزائدة وحملة حزامك أمانك التي تحث السائقين والركاب على الالتزام بارتداء حزام الأمان كما شدد على أهمية استمرار حملات التوعية في المدارس والجامعات مشيرًا إلى أن الجمعية قامت بتدريب 2500 معلم بوزارة التربية والتعليم على نشر قواعد السلامة المرورية بين الطلاب.

هل التعويضات كافية لإنقاذ المتضررين

إلى جانب حملات التوعية تولي الجمعية اهتمامًا كبيرًا بدعم مصابي الحوادث وأسر الضحايا حيث تقدم مساعدات مالية وعينية للأسر غير القادرة خاصة أن نسبة كبيرة من المصابين ينتمون إلى فئات محدودي الدخل وقد يفقدون مصدر رزقهم نتيجة العجز الدائم.

وفي هذا السياق طالب مختار بتعديل قانون التأمين الإجباري على السيارات رقم 72 لسنة 2007 والذي ينص على تعويض قدره 40 ألف جنيه فقط في حالات الوفاة أو العجز الكلي وهو مبلغ لم يعد يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية ودعا إلى رفع قيمة التعويضات إلى نصف مليون جنيه مع زيادتها سنويًا وفقًا لمعدلات التضخم.

نحو طرق أكثر أمانًا

فيما أكد المهندس إسلام محمد أن الحد من حوادث الطرق لا يعتمد فقط على تطوير البنية التحتية بل يتطلب معالجة ثلاثة عناصر رئيسية الطرق والمركبات والعنصر البشري وأوضح أن الدولة نفّذت مشروعات ضخمة مثل توسعة الطريق الدائري وزيادة عدد الحارات المرورية وتركيب إشارات ضوئية حديثة مما ساهم في تحسين التصنيف العالمي لمصر فيما يتعلق بجودة الطرق.

بينما شدد اللواء أيمن السيد على أهمية زيادة عدد رجال المرور على الطرق لمراقبة المخالفات وتطبيق القانون بصرامة مؤكدًا أن تطوير القوانين وحده لا يكفي بل يجب أن يكون هناك التزام مجتمعي كامل بالقواعد المرورية من السائقين والمشاة على حد سواء.

ولكن بين الأرقام الصادمة والإجراءات المستمرة يبقى السؤال الأهم متى ستتوقف هذه الحوادث القاتلة ربما يكون الحل في خلق منظومة مرورية أكثر صرامة إلى جانب تعزيز ثقافة احترام قواعد السير حتى لا تتحول الطرق إلى ساحات نزيف لا تنتهي ويبقى الأمل في أن تتحقق المعادلة الصعبة شوارع آمنة وقيادة بلا دماء.

 

Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *