كتب: مريم سامي
“بس أنا مكنتش متخيل إنك تسبيني يا فريدة”.. عندما تصبح السخافة ترندًا
رئيس مجلس إدارة شركة سبيروسباتس: الدعم الرقمي تسبب في رفع المبيعات
في عصر الثورة الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا قويًا بيد جيل زد، الجيل الأكثر اتصالًا بالإنترنت، حيث لم يعد التشجيع مقتصرًا على الملاعب والمسارح، بل امتد ليشمل حملات ضخمة يمكنها قلب موازين القضايا المجتمعية والاقتصادية.
لكن مع هذا التأثير القوي، يبرز سؤال هل يستخدم جيل زد السوشيال ميديا كأداة للتغيير الإيجابي، أم أنها أصبحت مجرد وسيلة لرفع الترندات السطحية؟
حملات الدعم الرقمي.. قوة مؤثرة أم موضة عابرة؟
أثبت جيل زد قدرته على التأثير الإيجابي عبر منصات التواصل الاجتماعي، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك حملة دعم المنتج المصري سبيروسباتس.
وبدأت الحملة كرد فعل على دعوات مقاطعة المنتجات الغربية بسبب مواقف سياسية ودينية، ليظهر وسم دعم المنتجات المصرية، الذي أعاد تسليط الضوء على علامة سبيروسباتس, كمنتج محلي قديم عاد إلى السوق بفضل الدعم الإلكتروني.
عودة سبيروسباتس.. كيف غيرت السوشيال ميديا مستقبل المنتج؟
وأوضح يوسف طلعت, رئيس مجلس إدارة شركة سبيروسباتس, أن الشركة تأسست عام 1909 على يد رجل يوناني الأصل هاجر إلى مصر وحوّل حلمه إلى واقع، حتى أصبحت منتجاته مفضلة لدى العائلة المالكة، بل وكان الملك فاروق من أكبر الداعمين لها.
ومع مرور الزمن، توقفت الشركة عن الإنتاج عام 2015، لكنها عادت بقوة عام 2019 بعد تبني جيل زد حملة لدعمها.
وأكد طلعت، أن الدعم الرقمي كان له أثر مباشر في ارتفاع مبيعات المنتج، حيث تحول التشجيع على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أداة قوية لدعم الاقتصاد المحلي، مما يعكس كيف يمكن لمنصات السوشيال ميديا أن تكون أكثر من مجرد وسيلة ترفيه.
محمود البنا.. من قضية فردية إلى رأي عام
إذا كان لجيل زد تأثير إيجابي في دعم المنتجات المحلية، فإن تأثيره في القضايا المجتمعية لا يقل قوة.
مثال صارخ على ذلك قضية محمود البنا، الشاب المصري الذي قتل بعد محاولته الدفاع عن فتاة تعرضت للتحرش، ليتحول اسمه إلى رمز «شهيد الشهامة».
دور السوشيال ميديا في تحويل الحادث إلى قضية رأي عام
انتشرت قضية محمود البنا بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلق المستخدمون وسم حق محمود البنا الذي تصدر قائمة الأكثر تداولًا، مما ساهم في تسليط الضوء على القضية وجذب انتباه وسائل الإعلام التقليدية.
وقال أحد الشباب عن دعمه لمحمود البنا: «محمود البنا أصبح قدوة لمواجهة البلطجة».
لكن البعض أعرب عن مخاوفه من أن تؤدي هذه الحملات إلى أعمال انتقامية، مما يبرز الحاجة إلى نشر الوعي حول كيفية التعامل مع القضايا المجتمعية بطرق آمنة وفعالة.
السوشيال ميديا سلاح ذو حدين
على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت منصة لدعم القضايا المهمة، إلا أنها أيضًا ساهمت في انتشار الترندات السطحية، والتي قد تطغى أحيانًا على القضايا الأكثر أهمية.
“بس أنا مكنتش متخيل إنك تسبيني يا فريدة“
أحد الأمثلة الحديثة على ذلك هو الترند الذي اجتاح منصات التواصل الاجتماعي تحت عنوان “بس أنا مكنتش متخيل إنك تسبيني يا فريدة”، حيث بدأ المستخدمون في إعادة تمثيله بطريقة مبالغ فيها وتحويله إلى مادة كوميدية، مما يعكس كيف يمكن لمحتوى بسيط وغير ذي قيمة أن يصبح أكثر انتشارًا من قضايا ذات أهمية حقيقية.
ومن جانبها، قالت الدكتور نيرمين نجيب، أخصائية علم النفس، إن التأثير السلبي للسوشيال ميديا يكمن في خلق عالم خيالي يعكس ما يرغب الأفراد في أن يكونوا عليه، مما قد يؤدي إلى العزلة الاجتماعية والمقارنة السلبية التي تؤثر على الصحة النفسية للشباب.
وأضافت أخصائية علم النفس: «وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون أداة لنشر الوعي والتغيير الإيجابي، لكنها في الوقت ذاته قد تروج لظواهر سلبية نتيجة طبيعة الخوارزميات التي تفضل المحتوى المثير للجدل على حساب القضايا الجادة».
كيف نوازن بين التأثير الإيجابي والانجراف وراء الترندات؟
من الواضح أن جيل زد يمتلك قوة هائلة في توجيه الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سواء لدعم القضايا المجتمعية أو المنتجات الوطنية.
ومع ذلك، تبقى هناك مسؤوليات على عاتق الشباب في كيفية استخدام هذه القوة, ومنها:
دعم القضايا المهمة باستمرارية وليس كرد فعل مؤقت.
استخدام السوشيال ميديا كأداة توعية وليس وسيلة لنشر السطحية.
توظيف التأثير الرقمي بطريقة تخدم المجتمعات بدلاً من تشجيع الترندات التافهة.
في النهاية، تبقى وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين، واستخدامها بحكمة هو ما يحدد ما إذا كانت ستظل أداة للتغيير الإيجابي أم مجرد منصة لصناعة الترندات الفارغة.