كتب: ألين أمجد- ديانا رمسيس
خبراء يكشفون السلبيات وطرق التعامل معها
شهدت الألعاب الرياضية الإلكترونية نموًا هائلًا خلال العقد الأخير، حيث أصبحت من أبرز وسائل الترفيه عالميًا، مع تجاوز عدد مستخدميها 3 مليارات شخص بحلول عام 2023، ووصول قيمتها السوقية إلى أكثر من 197 مليار دولار, لكن، مع هذا التوسع، برزت ظاهرة مقلقة تتعلق بتزايد حالات العنف المرتبط بهذه الألعاب، سواء من خلال التفاعل بين اللاعبين أو السلوكيات الناتجة عن تقليد شخصيات الألعاب العنيفة.
وتتجلى مظاهر العنف في الألعاب الإلكترونية بعدة أشكال، منها التنمر الإلكتروني، والعبارات العدوانية، وحتى محاولات تقليد الحركات القتالية في الواقع، لا سيما بين المراهقين والأطفال الذين يجدون صعوبة في التفرقة بين العالم الافتراضي والواقع.
وأشارت دراسات إلى أن هذا العنف لا يقتصر على الجوانب النفسية فحسب، بل يمتد ليشمل العنف الجسدي والسلوكي، إذ شهدت بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة حوادث انتحار وجرائم عنيفة مرتبطة بإدمان الألعاب العنيفة.
عالميًا، نجد أمثلة مروعة على هذه التأثيرات، مثل حادثة مدرسة كولومباين في الولايات المتحدة عام 1999 وحادثة مدرسة ساندي هوك في ولاية كونيتيكت عام 2012, هذه الوقائع دفعت الخبراء وأولياء الأمور إلى دق ناقوس الخطر، مؤكدين ضرورة اتخاذ إجراءات للحد من تأثير هذه الظاهرة، ووضع قيود على تسويق هذه الألعاب للقاصرين.
انتشار العنف في الألعاب الإلكترونية
• تصميم الألعاب: يعتمد العديد من الألعاب على مبدأ المكافآت عند تنفيذ أعمال عدائية، مما يجعل العنف سلوكًا طبيعيًا لتحقيق الفوز.
• غياب الرقابة الأسرية: الكثير من الأسر تتيح للأطفال قضاء ساعات طويلة أمام الألعاب دون متابعة أو مراقبة المحتوى.
• التنمر الرقمي: تنتشر التصرفات العدائية بين اللاعبين، مما يعزز من السلوكيات العنيفة داخل بيئة هذه الألعاب.
الآثار النفسية والاجتماعية للعنف في الألعاب الإلكترونية
وفقًا للدكتور إسلام بديع، خبير الصحة النفسية للشباب، فإن الألعاب الإلكترونية العنيفة لا تؤثر بالضرورة بشكل سلبي على جميع اللاعبين، بل تشبه تأثير الأنشطة الترفيهية الأخرى مثل مشاهدة التلفاز. إلا أن الإدمان عليها قد يؤدي إلى العزلة، والانطوائية، وضعف العلاقات الاجتماعية والأسرية.
من ناحية أخرى، أشار الدكتور حسين عاطف، الخبير النفسي للأطفال والمراهقين، إلى أن الاستمرار في ممارسة الألعاب العنيفة يزيد من تقبل الأطفال والمراهقين للسلوكيات العدوانية، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى العنف كحل للمشكلات بدلًا من الحوار.
أما الدكتور أحمد نايل، أوضح أن هذه الألعاب قد تكون وسيلة لتفريغ الطاقات، لكنها أيضًا قد تؤدي إلى تعزيز السلوك العنيف، خاصةً لدى الأطفال غير القادرين على التمييز بين الخيال والواقع.
📌 التأثير الاجتماعي
وأشارت سلوى جميل، وهي أم لطفلين، إلى أن الألعاب الإلكترونية أثرت بشكل كبير على أبنائها، حيث أصبح ابنها الأصغر أكثر انعزالًا وعصبية، مما أثر سلبًا على تحصيله الدراسي وعلاقاته الاجتماعية, أما ابنها الأكبر، فقد أدى إدمانه للألعاب إلى إنفاق مبالغ كبيرة على شحن الألعاب، مما أثر على مستقبله الأكاديمي.
آراء اللاعبين المحترفين حول العنف في الألعاب الإلكترونية
نورهان شاكر، لاعبة في المنتخب المصري للفتيات للألعاب الإلكترونية والفائزة بالبطولة الإفريقية لعام 2024، ترى أن الضغط النفسي والعصبي الناتج عن المنافسة والتدريب المكثف قد يكون أكثر تأثيرًا من العنف داخل الألعاب نفسها.
أحمد طارق، لاعب محترف في عدة ألعاب إلكترونية، أوضح أن الإفراط في اللعب قد يقلل من التواصل الاجتماعي، لكنه يؤكد على أن الألعاب الجماعية تعزز العلاقات وتساعد في تكوين صداقات جديدة, كما أشار إلى أن تأثير الألعاب على اللاعبين يعتمد على مدى قدرتهم على الفصل بين الواقع والافتراضي.
محمود القاضي، لاعب محترف، يرى أن الضغط النفسي الناتج عن المنافسة يؤدي إلى سلوكيات عدوانية مثل الشتائم والتوتر، خاصة عندما يكون الفريق غير متفاهم.
فارس خيري، لاعب محترف آخر، يؤكد أن بيئة اللعبة تلعب دورًا كبيرًا في ضبط السلوكيات، مشيرًا إلى أن فرض عقوبات على اللاعبين المسيئين يمكن أن يحد من انتشار العنف في الألعاب الإلكترونية.
دور الحكومة والجهات المسؤولة في ضبط الظاهرة
وأكدت وزارة الشباب والرياضة أن الرياضات الإلكترونية تساهم في تحسين الصحة النفسية للشباب، بشرط أن تتم ممارستها بشكل معتدل.
وتعمل الوزارة على تنظيم أنشطة تنافسية في بيئة سليمة، إضافة إلى تقديم دعم مادي ولوجستي للبطولات المحلية والدولية، وتوقيع بروتوكولات لتطوير ألعاب إلكترونية تحاكي الرياضات التقليدية.
من جانبه، يرى الدكتور محمد وردة، عضو مجلس الاتحاد المصري للألعاب الرياضية الإلكترونية، أن العنف بين ممارسي الألعاب الإلكترونية في مصر ليس ظاهرة، بل مجرد حالات فردية.
وأكد وردة أن الاتحاد يعمل على تنظيم ندوات توعوية لتوجيه الشباب نحو الألعاب الذهنية والرياضية، والتحذير من مخاطر الألعاب العنيفة.
هل يمكن ضبط العنف في الألعاب الإلكترونية؟
تبقى الألعاب الإلكترونية سلاحًا ذا حدين, فبينما تساعد في تنمية المهارات العقلية وتعزيز روح التحدي، قد تتحول إلى مصدر للعنف والتوتر إذا لم تُستخدم بشكل واعٍ ومتوازن.
ومع ازدياد تأثير هذه الألعاب على الأجيال الشابة، يصبح من الضروري تكاتف الجهود بين الأسرة، والمؤسسات التعليمية، والجهات المعنية لنشر الوعي، وتعزيز القيم الرياضية الحقيقية التي تدعو إلى المنافسة الشريفة والاحترام المتبادل.

الألعاب الإلكترونية بين الترفيه والتدمير.. كيف يتعامل شباب جيل زد مع الرياضة التكنولوجية؟
Shares: