أستاذ مساعد الجراحة العامة والروبوتية بمستشفى عين شمس التخصصي :100عملية قام بها الروبوت بين المسالك البولية وأمراض وأورام النسا والجراحة العامة 

محمد حامد المستشار القانوني : المسؤولية الجنائية للذكاء الاصطناعي تقع على عدة أطراف بين المبرمجين أوالمصنعين والمستخدمين والمالكين .

تقرير: حبيبة عبد النبي – روضة سامر – علياء حسين

ماذا سيحدث إذا وجدت نفسك داخل غرفة العمليات وسط بعض الأضواء الخافتة تلمح بأطراف عينك أدوات الجراحة التي قد تبدو مثيرة لمشاعر القلق والتوتر، وتزداد ضربات قلبك إخفاقًا إذ رأيت أن المسؤول عن حياتك الآن هو مجرد إنسان ألي “روبوت” بخطأ واحد قد تفقد أهم ما تملك، لكن في حالة معرفتك أن كل خطأ قد يحدث داخل جدران هذه الغرفة سيحاسب عليه القانون؛ هنا ستحل بعض مشاعر السكينة والطمأنينة، ستسلم نفسك لما يخبئه القدر علمًا بأن أبسط حقوقك لن نضيع فهناك من مسؤول مهما طالت التحقيقات

قال دكتور محمد أحمد عبد الرازق أستاذ مساعد الجراحة العامة والروبوتية والمدير الطبي لمستشفى عين شمس التخصصي وحدثنا في البداية أن مشروع الروبوتات الطبية بدأ منذ فترة طويلة كان الهدف الأول منه أن يكون الجراح على الأرض والروبوت يجري عملية لرائد فضاء أو حتى في ساحة الحرب.

وبالفعل رغم عدم تطبيق مبدأ الجراحة عن بعد إلا أننا تمكنا خلال استخدام الروبوتات من زيادة دقة العمليات التي تتم بشكل عادي أو بالمنظار .

وأوضح أن جامعة عين شمس هي الأولى في استقدامها للروبوت بعد عدة برامج لم تلقى نجاحًا في مستشفيات أخرى، ومنذ اللحظة الأولى تسألنا هل الإمكانيات المادية ستكون عائق أمام استخدامها للمرضي ولكن بالتجربة الحقيقة وجدنا أن هناك عمليات وتدخلات تحتاج إلى هذه الجراحات الدقيقة، بل وبات الروبوت يوفر لهم ماديًا من نواحى أخرى مثل مدة الإقامة أو تكاليف السفر وما إلى ذلك.

وتعد عملية “استئصال البروستاتا ” هي أحد أهم العمليات التي تدخل فيها الروبوت وساعد في إجرائها في مصر بدلًا من السفر إلى الخارج.

طبيعية الجراحة الروبوتية في مصر

فيما أضاف أنه لا يوجد أي قانون يمنع بأي شكل استخدام الروبوتات في المجال الطبي ويعود في سبب في ذلك أن المتحكم الأول والأخيرة في غرفة العمليات هو الجراح فالروبوت ما هو إلا أدى مساعدة حتى الآن لا يأخذ أي قرار من نفسه.

كما أن مسألة عن الجهاز لا يأخذ أي قرارات من تلقاء نفسه يمكن اعتبارها من مزاياه لأنه يمنع حدوث أي مشكلة خلال العملية؛ إذا أنه عندما يحدث أي عطل يعطي انذارًا صوتيًا وضوئيًا؛ لهذا السبب لا يوجد خطورة على حياة المرضي.

 

مئة جراحة روبوتية ناجحة

وأكمل عبد الرازق أن التخصصات التي يتدخل فيها الروبوت أمراض وأورام هي المسالك البولية وأمراض وأورام النسا والجراحة العامة، وتقريبًا عدد العمليات التي تم إجراؤها بأستخدام الروبوتات في المستشفى مئة عملية

وهناك ضمانين اثنين للتأكد من إمكانية إجراء الجراحة بالروبوت الأول أن يكون الجراح استشاريًا ثم يحصل على ترخيص من الشركة المصنعة تثبت قدرته على التعامل مع الجهاز.

وأكد أن الشركة المصنعة للجهاز لا تتحمل أي مسؤولية في حالة وجود أي مشاكل أو أخطاء داخل غرفة العمليات؛ لأنه لا يمتلك أي ذكاء اصطناعي يقوده إلى اتخاذ القرار، أنما تقع المسؤولية على الطبيب أو المستشفى.

وتابع أن عدم وجود أي ذكاء اصطناعي يتحكم في الروبوت هو بنفسه السبب الذي تمكن عن طريقه من التغلب على مخاوف المرضي وبناء جسر من الثقة.

وأشار في نهاية حديثه أن تخصص الجراحة الروبوتية سينتشر أكثر في المستقبل القريب، كما أنه بالفعل بدأ في الدخول في بعض التخصصات الطبية مثل العظام وجراحة المخ والأعصاب وجراحات القلب والصدر بالإضافة إلى أنها ستساعد كثيرًا في “التدخلات المحدودة” أي التدخل الجراحي عن طريق قطع صغير في جسد المريض.

المسؤولية الجنائية والذكاء الاصطناعي

في السياق ذاته تحدث الدكتور محمد حامد المستشار القانوني وصاحب رسالة دكتوراه الأولى في الشرق الأوسط عن المسؤولية الجنائية للذكاء الاصطناعي مختصرًا مفهوم المسؤولية الجنائية للذكاء الاصطناعي، أن المقصود به هو تحديد المسؤول عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الذكاء الاصطناعي في كل المجالات والتخصصات.

فعلى سبيل المثال إذا ركب شخصًا ما سيارة ذاتية القيادة ووقعت حادثة على طريق حينها لا أستطيع أن أقول أن راكب السيارة هو المخطئ فهو لم يتحكم فيها من الأساس أنما هي تتخذ قراراتها من تلقاء نفسها فهي التي تقرأ الطريق.

خطأ دافنشي الطبي

وتابع حامد أن هناك العديد من الأخطاء الطبية التي وقعت بسبب الروبوتات على سبيل المثال الروبوت الجراحي دافينشي الذي يعد من الأشهر في العالم، في إحدى الحالات لم يستطع التعرف على الشكل الداخلي لجسم المريض مما تسبب في خطورة على حياته وكان ذلك بسبب بعض المدخلات الخاطئة بالرغم أن نيته أن صحت الكلمة كانت إنقاذ حياة المريض.

فيما أوضح أننا في مصر مازالنا في بدايات الذكاء الاصطناعي والجراحة الروبوتية ولكن الهدف في الأساس هو وضع قوانين وضوابط في حالة حدوث المشكلة لكي لا تحدث أي فجوات، بالإضافة إلى أن وجود قانون جديد لمثل تلك الحالات يحمي من استغلال ثغرات القانون.

الصندوق الأسود للروبوت

وأكد محمد حامد أن المسؤولية الجنائية للذكاء الاصطناعي تقع على عدة أطراف حسب ظروف كل حالة أو واقعة، فهناك المبرمجين أو المصنعين والمستخدمين والمالكين. والمسؤولية هنا تقع على الطرف الذي له علاقة مباشرة بالسبب الذي وقع نتيجته الحادث أو الخطأ؛ لذلك يجب أن يكون هناك فريق من الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي لتحديد الطرف المخطئ وتحليل الصندوق الأسود داخل كل روبوت بالإضافة إلي أن ذلك الفريق التقني سيلعب دور حاسم في الإجابة عن سؤال من المسؤول عن الجريمة.

كما أشار أن من الممكن أن يتحمل الطبيب مسؤولية الخطأ الطبي إذا لم يستطع أن يقدم ما يثبت براءته؛ لأن الطبيب في النهاية الأمر هو من يستخدم ذلك الروبوت وهو المراقب على كل إجراء يتم خلال العملية، إلا إذا كان هذا الروبوت من النوع المتطور الذي يتولى كل مهام العملية من البداية حتى النهاية.

وأكمل أن في حالة إن كانت الشركة المصنعة للروبوت تكون شركة دولية وكان الخطأ من الروبوت بيتم محاسبة الوكيل المعتمد للشركة الموجودة في مصر إذن تقع عليها المسئولية إذا ثبت إن المشكلة تكون تقنية أو عيب في الصناعة وفي ذلك بيتولي الأمر النيابة العامة لأنها مشكلة جنائية.

بينما أصاف أن هناك أربعة أطراف بدورهم أن يحددوا شكل الوضع الذي يقوم عليه استخدامات الذكاء الاصطناعي في المعاملات الطبية مثل وزارة الصحة ونقابة الأطباء والجامعات ووزارة الاتصالات المعنية بأمور الذكاء الاصطناعي.

موضحًا أن التشريع الحاد يحد من تطور الذكاء الاصطناعي بالرغم من أنه أثبت كفاءته واستخداماته أكثر من الإنسان البشري لعدم شعوره بالتعب أو انشغاله بمشاكل الحياة فيمكنه إجراء أكثر من عملية في يوم واحد علي عكس الطبيب الذي سيشعر بالإرهاق الشديد من مجرد عملية واحدة طويلة المدة

 

.

محاكم الذكاء اصطناعي

وشدد على أهمية وجود محاكم متخصصة للذكاء الاصطناعي حتي يكون لديها القاضي المتخصص في الذكاء الاصطناعي وخبير ومحامين متخصصين به، بالإضافة إلى ضرورة إنشاء صندوق تأمين خاص لتعويض الأشخاص المتضررين من عمليات الروبوتات الطبية.

وأكد على أنه يجب علي مجلس الذكاء الاصطناعي أكثر تفاعلًا وأن إنشاء أقسام محددة للذكاء الاصطناعي في الكليات إذ يتعامل الجميع معه؛ لأنه يشارك في جميع التخصصات والمجالات.

وعلى الجانب نفسه كان لابد من حسم المسؤول عن الأخطاء التي تحدث خلال الجراحة الروبوتية؛ قال عماد النخيلي محامي بالنقض والدستورية العليا فقال: المسئولية الجنائية للروبوت الطبي تقع علي الطبيب وليس الروبوت؛ لأنه ليس هو الذي يقوم بإجراء العملية بذاته فعلي سبيل المثال إذا أخطأ الطبيب وهو يقوم بإجراء عملية بالمشرط الجراحي وحدث خطأ بواسطته فمن المخطئ الطبيب أم المشرط فالمخطئ هنا الطبيب كذلك الخطأ الذي يكون بواسطة الروبوت يكون خطأ الطبيب؛ ذلك لأن في كلا الحالتين الجراح هو المحرك للروبوت والمشرط فهنا تقع المسئولية الجنائية علي مستخدمه

وأوضح النخيلي أن حدوث خطأ خارج عن إمكانيات الطبيب أو خطأ تقني بواسطه الروبوت ترجع المسئولية الجنائية للشركة المصنعة للروبوت وليس الطبيب.موضفًا أن المسئولية القانونية ترجع لمن كان سببًا في حدوث الخطأ سواء كان من المبرمجين أو عيب من المستخدمين.

 

قوانين جديدة

وأكد عماد النخيلي أن بالفعل النصوص الجنائية العامة والخاصة لا تكفي لمواجهة أخطاء الروبوت الجراحي والتي ينتج عنها أضرار بأجساد المرضى أو إزهاق لأرواحهم، والتي تحدث نتيجة لقرار اتخذه الروبوت دون إشراف من المُستخدم أو الجراح، أو لعيب ما في التصنيع، أو إستغلاله في إرتكاب جريمة عمدية والتي تؤدي إلي الحبس من ثلاث الي خمس سنين. بالإضافة إلى عدم ممارسته للمهنة أو التعويض بمبلغ مالي لأحد أهالي المريض, وأكمل أن الحماية الجنائية من أضرار الروبوت الجراحي،

إذ يلزم تدخل تشريعي للنص صراحة على صور تلك الحماية وتقرير المسئولية الجنائية لكل من المُصنع والمالك والمُشغل والروبوت نفسه.

Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *