معلمون بدرجة تيك توكر

إسحاق ذكري: لم يكن لدى إمكانيات غير سبورة صغيرة وكراتين

أحمد عماد: بدايتي كانت بمكان بسيط تحت السلم، واستطعت أن أكون ضيفاً فالبرامج

الشافعي: العمر ليس عائق لتحقيق النجاح

كتب: إسراء عبدالحميد-شهد أسامة-منه علي-خيال عماد-محمد غريب

“قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا، كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا” بدأت كلمات شوقي التي تعكس مكانة المعلم العظيمة في المجتمع. ولكن اليوم لا تقتصر قيمة المعلم على التقليدية في أسلوبه، بل تجاوزها دخول جيل جديد من الشباب الطموح الذين قرروا دخول عالم التدريس مبكرًا، متحدين التحديات التي فرضها صغر سنهم. ليثبتوا أن العمر ليس عائقًا أمام النجاح في عالم التدريس ،هؤلاء الشباب لم يقتصروا على الطرق التقليدية في التدريس، بل لجؤ إلى أدوات جديدة، أبرزها “مواقع التواصل الإجتماعي،” لتحسين تجربتهم التعليمية والتواصل مع طلابهم بشكل غير تقليدي. من خلال منصات مثل “تيك توك”، ليخلقوا أسلوبًا جديدًا في التعليم يتناغم مع احتياجات الجيل الحالي. فهل أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي القوة المحركة التي تغير قواعد اللعبة في مجال التعليم؟

من الكراتين للسبورة الذكية
قال إسحاق ذكري، كنت في ال٢١ من عمرى عند بدايتي كمدرس، نعم فأنا حينها كنت طالب بالجامعة، كنت استيقظ من الرابعة فجراً، لكي أصل في ميعاد محاضرتي الأولي، ومن ثم  أطبق الجزء العملي المطلوب تسليمه، وفي الساعة الثامنة مساءاً أرتدى ثوب المدرس وابدأ عملى كمدرس أحياء.
وتابع ذكري قائلاً أنا مثل أي مدرس مشهور في بدايتة، فهذا المدرس المعروف على مستوى الجمهورية لم يولد مشهوراً، ولكن بالجهد والمثابرة وصل إلى ما هو عليه، فأنا كذلك لم أكن معروف ولكن كان لدي يقين بإنني سأكون ولو بعد حين، مضيفاً بدأت في التصوير، و كانت معداتي وقتها سبورة صغيرة وكراتين، بعضها أدوات بدائية، ولكن هذة إمكانياتي، ومع الوقت بدأ أسم إسحاق ذكري يتردد بين الطلاب.
واستكمل ذكري قائلاً أن مواقع التواصل الإجتماعي هي أحد العوامل الرئيسية في شهرتي، ولكن هي في نفس الوقت سلاح ذو حدين، نعم هي ستساعدك للوصول إلى طلاب أكثر، ولكن إن لم تكن متمكن في مادتك وفي إستخدامك لها سيجني ذلك نتيجة عكسية.
وتابع ذكري قائلاً أن من الصعوبات التي واجهتني هي إنتقادا المدرسين الكبار، فهناك بعض المدرسين قاموا بإنشاء صفحات مزيفة بإسمي، والبعض الآخر يبلغون الضرائب، ولكن كل ذلك كان لا يهمني، بينما كانوا ينشغلون بتقديم هذة البلاغات كنت أنا أبذل قصارى جهلى للوصول إلى هدفي.
وأوضح أن فيديوهات التيك توك ماهي إلا وسيلة لكي يتقرب من الطالب، وفهمه وهنا يكون الطالب مدرك بإن المدرس على دراية تامة بطريقة تفكيرة وبذلك لا  يستطيع الطالب التلاعب أو التحوير، مضيفاً أن هناك بعض الانتقادات التى واجهته بعد عمل هذة الفيديوهات، مؤكداً على أن أي شئ يفعله الإنسان، يكون له إنتقادات.
واستطرد ذكري قائلاً أن هناك بعض أولياء الأمور، كانوا لا يفصلون عمل هذة الفيديوهات، وبالفعل بدأ البعض منهم بمنع أبنائهم من الدرس، وذلك لأنهم كانوا يعتقدون بإننا نقوم  بعمل هذة  الفيديوهات أثناء الحصة، ولكن بعد ذلك أصبحوا مدركين أن داخل الحصة شئ وخارجها شئ آخر.

اوضح عبد الرحمن الشافعي، الملقب “اصغر مدرس في مصر”، انه بدأ مسيرته التدريسية في سن السابعة عشر بعد انتهائه من الثانوية العامة،متوجهًا لدراسة علم النفس في كلية الآداب جامعة بنها .حاصلاً على دبلوم تربوي وهو في التاسعة عشر، ليبدأ حلمه من الصغر في مجال التدريس. ولم يقتصر نجاحه على التدريس التقليدي فقط، بل استخدم السوشيال ميديا كأداة رئيسية لبناء علاقة مميزة مع طلابه .
واجه عبد الرحمن صعوبات كثيرة في البداية بسبب صغر سنه، منها شكوك أولياء الأمور والطلاب اتجاه قدراته التعليمية ورفض بعض المراكز التعليمية لمساندته، لكنه استطاع التغلب علي هذه التحديات بأستخدام عامل السن لصالحه، مشيراً إلي قربه من عقلية الطلاب وقدرته علي فهم احتياجاتهم . ورغم البداية المتواضعة حيث بدأ مع عدد قليل من الطلاب ،إلا انه نجح في كسب ثقة أولياء الامور والطلاب ، وزادت اعداد طلابه بشكل ملحوظ.
ثم بدأ عبد الرحمن في استخدام  منصات السوشيال ميديا خاصة “التيك توك” لزيادة تواصله مع طلابه بطريقة مبتكرة، حيث بدأ بتقديم محتوى فكاهي يرتبط بالحياة الدراسية.من خلال فيديوهات قصيرة فكاهية تخلق جواً من المرح، مع الحفاظ علي المهنية في الدروس ، هذه الطريقة لم تكن فقط لخلق تواصل غير تقليدي مع الطلاب، بل ساعدت في جذب انتباه الأجيال الجديدة، التي أصبحت ترى في عبد الرحمن مدرسًا قريبًا منهم يفهم اهتماماتهم.
ورغم الانتقادات التي تعرض لها بسبب مظهره وصغر سنه، إلا انه في وقت قصير، اصبح أحد الوجوه المميزة في مجال التدريس علي منصات السوشيال ميديا، مما دفع الكثيرين من زملائه المدرسين إلي تقليد اسلوبه، مصمماً إلي تحويل هذه الانتقادات إلي فرصه لاثبات نفسه وجدارته في مجال التدريس، مجسدًا بذلك نموذجًا للمثابرة والابتكار مشيرًا إلى أن أولياء الأمور يشجعونه على عمله.

.”تابع عبد الرحمن موجه نصيحته للشباب: “ابدأوا في تحقيق أحلامكم ولا تيأسوا، فالعمر ليس عائقًا أمام النجاح

البنطلون القماش ليس المقياس

ال أحمد عماد مدرس التاريخ، بدأت مهنة التدريس من عامي الثاني بالجامعة، كان مظهرى يعطى إنطباع لأولياء الأمور بإنني لست مدرس، لإنه كان  في إعتقادهم بإن المدرس هو من يرتدى بنطلون قماش، لذلك في البداية كان عدد طلابي لا يتخطى العشر طلاب.
وأستكمل أحمد قائلاً، من الصعوبات التي واجهتني أيضاً هى القدرة على التوفيق بين الدراسة والعمل، مشيراً إلى أن الدخل كان قليل جداً، ولكن كنت أؤمن بمقولة لكل مجتهد نصيب، وأستطعت ان ضيفاً في احد البرامج
وأوضح  أن منصة تيك توك هي وسيلة ترفيهية، وأيضاً طريقة جديدة لتوصيل المعلومات بشكل أسهل وأسرع، وأن تفاعل الطلاب على تيك توك أفضل بكثير من تفاعلهم على منصات أخرى مثل اليوتيوب، والمنصات التقليدية
.وأضاف أحمد أن هناك ردود أفعال مختلفة، فهناك من  يرى أن هذة فرصة لتقرب الطالب من المدرس، والبعض الأخر يرى أن لا يصح لمدرس عمل هذة الفيديوهات
.واستطرد أحمد قائلاً أنه يمنع الرقص، واستخدام الأسلحة في عمل الفيديوهات، وأن هدفه الرئيسي من هذة الفيديوهات هو التوعية والتعليم
نهاية البداية…وإنطلاق الاحلام
قالت نور حسني حسين مدرسة الفيزياء، بعد ١٦ سنة تعليم، كنت لا أريد وضع الشهادة بدرج المكتب وابقى ساكنة مكاني، بالطبع هذة ليست النهاية التي أريدها، وبالفعل استطعت أن أحوّلها  لنقطة بداية.
وتابعت نور بدأت العمل كمتطوعة في مدرسة  ثانوية، ليس لدي راتب شهري، ليس لدي أي مكافأت، أذهب وأعود  بدون أجر، وظل الوضع هكذا لمدة أربعة سنين، كل ما حاولت فعله خلال هذة السنوات هو التقرب من الطالب وتوصيل المعلومة بطريقة أسهل، استخدمت الكثير من الطرق وحاولت مرة وأثنين وعشرة حتى توصلت  للطريقة الأفضل والأحسن.
وأضافت أكثر تحدى واجهته هو شكلى، نعم فكنت حديثة التخرج، وأُدرس لطلاب في الثانوية العامة، لا يوجد فرق بيننا كبير، وايضاً مدرسة فيزياء” البعبع في نظر الناس جميع الطلاب”، ولكن استطعت تحويل هذة الصعوبات إلى مميزات، أما بالنسبة لأولياء الأمور  فما  يهمهم أن يكون مستوى إبنهم أفضل، ولذلك لم أتلقى أي رد فعل سواء بالإيجاب أم بالسلب..وتابعت نور قائلة لم تساهم هذة الفيديوهات في شهرتي، والهدف الرئيسي من عملها هو للترفيه فقط، فلا مانع من الهزار مع طلابي بعد شرح الدرس، وفي الكثير من  الأحيان يكون الطالب هو الطرف الأكثر حماساً للتصوير.

  رُب صدفة خير من الف ميعاد          

قالت منال أحمد، مدرسة علم النفس والفلسفة، كنت لا أفكر في التدريس في هذا الوقت ولكن مثلما يقولو  رُب صدفة خير من الف ميعاد، كان هناك جروب لطلبة الصف الاول الثانوي ويريدون مراجعة لمادة الفلسفة ومن هنا كانت البداية.
وأوضحت أن مشاركتي مع الطلاب  في فيديوهات التيك توك يجعلني أقرب اليهم،وأستطيع معرفة وفهم طريقة تفكير وميول الطالب، مشيره إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي مسيطرة على عقول الطلاب وبشدة، كما إنها وسيلة مهمة من وسائل الترويج ،فكان يجب علينا إستخدام هذة المواقع لكي نستطيع مواكبة هذا الجيل وفهمه، مضيفه أن هناك حدود أثناء عمل الفيديوهات سواء عند الاختيار أو أثناء التنفيذ.
وقالت منال أن عمل هذة الفيديوهات يكون بعد الحصة أو في أوقات الفراغ وليس أثناء الحصة كما يعتقد البعض، مشيره إلى أنها لم تواجه ردود أفعال سلبية من أولياء الأمور إلى الآن، بل بالعكس هناك بعض الآباء يتابعونها ويشجعونها.
وأشارت إلى أن منصة تيك توك هى الأفضل بالنسبة لها، كما إنها الأسهل في الاستخدام والمونتاج، لافتة إلى أنها منصة ترفيهية وليست تعليمية، ولكن لا يمنع ذلك أن هناك بعض الصفحات التعليمية على التيك توك، ولكن عند المقارنة بين التفاعل على هذة الصفحات والتفاعل بين الصفحات الترفيهية، نجد أن الثانية هى الأقوى.

تتجسد قصص هؤلاء الشباب في رحلة استثنائية نحو النجاح، حيث تحدوا صغر سنهم والعقبات التي واجهوها لتحقيق حلمهم في مجال التدريس، وتمكنوا من جعل التعلم اكثر قرباً وإبداعاً، وتفاعلوا مع الجيل الجديد بطريقة تجذب انتباههم وتواكب تطلعاتهم، من خلال ابتكار اساليب جديدة ومؤثرة ، تثبت أن المعلم اليوم ليس مجرد من يلقن الدروس التقليدية، بل هو من يمتلك القدرة علي التأثير و الابداع في طرق التواصل مع الطلاب ، ولكن يبقي السؤال عزيزي القارئ ، هل تعتقد أن هذه الطرق الجديدة هي الحل الفعّال لتحسين تجربة التعليم؟ أم أن الأساليب التقليدية ما زالت هي الأفضل للحفاظ على الجودة التعليمية؟

Shares:
Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *