كتب: محمد غريب
“والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئًا جميلاً” بهذه الكلمات عبر الشاعر إيليا أبو ماضي عن أهمية الجمال كجوهر أساسي في حياتنا. ومع تطور التكنولوجيا، يبدو أن معايير الجمال بدأت تتغير، إذ شهدنا هذا العام حدثًا استثنائيًا في مسابقة جمال تقليدية تُخصص للبشر، حيث فاز روبوت بلقب ملكة الجمال. هذا الحدث أثار العديد من التساؤلات حول مفهوم الجمال في العصر الحديث: هل أصبح الجمال مجرد صورة رقمية يمكن تصميمها وتطويرها باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ وهل نحن على مشارف زمن يتفوق فيه الجمال الرقمي على الجمال البشري؟
في عالم تتغلغل فيه التكنولوجيا في جميع مناحي الحياة، يبرز هذا الحدث كعلامة على تحولات عميقة قد تعيد صياغة مفهوم الجمال في المستقبل. ومن بين أبرز هذه التحولات، تفوق الفريق المغربي بابتكاره شخصية افتراضية تُدعى “كنزي”، التي أصبحت أول “بلوجر” عربية ومغربية تفوز بمسابقة جمال افتراضية. هذا الإنجاز قوبل بالفخر والاعتزاز من بعض أفراد الشعب المغربي، باعتباره دليلاً على التطور التكنولوجي والقدرة على تحقيق المستحيل، بينما رأى آخرون في الأمر مجرد مضيعة للوقت.
من هي كنزي؟ تفوقت كنزي على أكثر من 1500 متسابقة افتراضية بفضل تصميمها المبتكر الذي عكس تكنولوجيا متقدمة. تعد كنزي شخصية مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتابعها أكثر من 200 ألف شخص على إنستغرام و45 ألفًا على تيك توك. جذب جمهورها شخصيتها القوية والجذابة، إلى جانب لهجتها المغربية المميزة وارتدائها للقفطان المغربي والحجاب، مما أضفى طابعًا أصيلًا على صورتها الافتراضية.
فرص أم تهديد؟ نجاح تجربة كنزي أثار مشاعر متباينة. فمن جهة، ألهمت التجربة الكثير من الشباب حول العالم للعمل على تطوير الأفكار التقنية والإبداعية. ومن جهة أخرى، أثارت مخاوف بشأن مستقبل قد تهيمن فيه الذكاء الاصطناعي والروبوتات على مجالات حيوية، مما قد يؤدي إلى تقليص فرص العمل واستبدال البشر بالآلات ، وعند راية هذا الحدث عقلي لا يستوعب كيف وصل الذكاء الاصطناعي الي هذه المرحلة من الخطورة .
تجربة ملهمة… ومقلقة
هذا التحول يثير تساؤلات جدية: هل يمكن أن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدًا يتجاوز فوائده؟ أم أنه مجرد وسيلة جديدة للتطوير؟ شخصيًا، أرى أن تجربة كنزي تحمل وجهين: الأول يتمثل في الإلهام الذي يدفعنا لاستغلال التكنولوجيا في خلق الإبداع، والآخر يمثل خوفًا مشروعًا من عالم قد يصبح فيه الافتراضي بديلًا عن الواقع.
لكن الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من هذه التجربة هو أن النجاح والتميز لا يأتيان من فراغ، بل يحتاجان إلى شغف وعمل جاد وتعاون جماعي لتحقيق الإنجاز.
فهل نحن بصدد تشكيل مستقبل جديد يغير حياتنا كما نعرفها؟ أم أننا نصنع بأيدينا واقعًا قد يصبح من الصعب السيطرة عليه؟ الإجابة تبقى في يد الزمن.