كتبت: سماهر أحمد – شهد عمرو
مع التطور السريع في مجال التكنولوجيا المالية، باتت العملات الرقمية أكثر انتشارًا على مستوى العالم، ما أثار جدلًا واسعًا حولها نظرًا لمميزاتها العديدة، مثل تسهيل إجراء المعاملات بسرعة وكفاءة.
ورغم الفوائد المتعددة التي تقدمها هذه العملات، إلا أن هناك تحديات تعيق تداولها، أبرزها التقلبات السعرية وعدم الأمان.
وفيما يلي, سيتم تسليط الضوء على تأثير العملات الرقمية، واستعراض إيجابياتها وسلبياتها، بالإضافة إلى تحليل مدى إقبال الشباب عليها.
والسؤال الأبرز الذي يطرح نفسه هنا, هل يمكن أن تحل العملات الرقمية محل العملات الورقية؟ وهل نحن مستعدون حقًا لعالم بلا نقود ورقية؟
إقبال الشباب على العملات الرقمية
شهدت العملات الرقمية اهتمامًا متزايدًا بين الشباب في السنوات الأخيرة، خاصة بسبب الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، وسعي العديد منهم لتحقيق الثراء السريع من خلال التداول.
ورغم المخاطر المصاحبة لها، فإن انتشار الوعي الرقمي وسهولة الوصول إلى منصات التداول العالمية جعلا العملات الرقمية جزءًا من الخطط المالية للشباب.
وأشارت الإحصائيات إلى تزايد استخدام العملات الرقمية عالميًا، مع تفاوت في النسب بين الدول, ووفقًا لتقرير شركة Triple-A لعام 2024، بلغ عدد مستخدمي العملات الرقمية حوالي 562 مليون شخص، ما يعادل 6.8% من سكان العالم.
بين الفرص والمخاطر.. تأثير العملات الرقمية على الشباب
تقدم العملات الرقمية مزايا عديدة للشباب، من بينها
تسهيل التجارة الإلكتروني
دعم التحويلات الدولية السريعة دون الحاجة إلى وسطاء.
إكساب الشباب مهارات حديثة مثل تقنية البلوكتشين والمحافظ الرقمية.
لكن في المقابل، هناك تحديات لا يمكن تجاهلها، مثل:
عدم القدرة على استرداد الأموال المرسلة بالخطأ.
غياب الأمان، ما يعرض المستخدمين للسرقة والاحتيال.
تقلب الأسعار وعدم وجود لوائح تنظيمية تحكم التداول.
تجارب شخصية.. شباب بين الربح والخسارة
🔹 محمد مشالي، أحد شباب جيل زد ومستخدم حالي للبيتكوين، بدأ الاستثمار في العملات الرقمية كمغامرة، لكنه واجه تحديات بسبب التقلبات السعرية.
ورغم خسائره، فإنه يرى أن سرعة التحويلات وانخفاض التكلفة يجعلان العملات الرقمية جزءًا من المستقبل المالي.
🔹 محمد خليفة، متداول في العملات المشفرة، يرى أن العملات المشفرة مثل البيتكوين تعتمد على اللامركزية والتشفير وتقنية البلوكتشين، بينما العملات الرقمية العادية تصدر عن البنوك, ويوصي باستخدام منصات موثوقة لكنه يحذر من الاستثمار طويل المدى بسبب التقلبات الحادة.
🔹 على الجانب الآخر، يوسف طارق، وهو مستخدم سابق للبيتكوين، تعرض لخسارة 10.500 جنيه بعد دخوله مجال التداول.
وأوضح طارق أن أرباحه الحقيقية كانت تأتي من إقناع آخرين بالاستثمار، لكنه فشل بسبب مخاوفهم من الخسارة, كما يرى أن العملات الرقمية غير آمنة وعالية المخاطر، خاصة في ظل قلة الوعي بها في مصر.
عملات الرقمية.. هل هي بديل حتمي للعملات الورقية؟
من جانبه, أكد الخبير الاقتصادي هاني توفيق أن العملات الرقمية ليست جزءًا من النظام المالي الرسمي، بل تُعامل كسلع تُتداول عبر المضاربات، ما يجعل أسعارها غير مستقرة.
وشدد توفيق على أن العملة الحقيقية يجب أن تصدر عن جهة رسمية، مثل البنك المركزي، لتتمتع بالحماية والتنظيم.
وأضاف أن اعتماد العملات الرقمية قد يتراجع مستقبلًا، مع انتشار أنظمة الدفع الإلكترونية مثل «إنستا باي»، التي تسهل المعاملات المالية دون الحاجة إلى النقود الورقية.
كما حذر الخبير الاقتصادي من تقلب أسعار العملات الرقمية، مستشهدًا بهبوط البيتكوين من 65.000 دولار إلى 15.000 دولار خلال شهر واحد.
كيف يمكن للشباب التعامل الآمن مع العملات الرقمية؟
لتمكين الشباب من اتخاذ قرارات مالية سليمة، من الضروري تعزيز التوعية حول العملات الرقمية من خلال:
التثقيف المالي لتجنب القرارات المتسرعة.
وضع قوانين صارمة لتنظيم التعامل بالعملات الرقمية وحماية المستثمرين.
تعزيز الأمان الرقمي لتجنب الاختراقات والاحتيال.
وبدوره, حذر الدكتور مدحت نافع, الخبير الاقتصادي, من العملات الرقمية، واصفًا إياها بأنها فقاعة اقتصادية وأداة للمضاربة والتهريب.
وأشار إلى أن البيتكوين تستهلك طاقة هائلة في التعدين، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد.
تحذيرات رسمية.. موقف البنك المركزي
وأصدر البنك المركزي, بيانًا يحذر فيه المواطنين من التعامل بالعملات الرقمية المشفرة، بعد ورود أنباء عن عمليات احتيال قامت بها منصات غير مرخصة.
وأوضح أن هذه العملات تفتقر إلى غطاء مادي رسمي، مما يجعلها عرضة للتذبذب والمخاطر المالية والجرائم الإلكترونية.
بين الفرص والمخاطر
لا تزال العملات الرقمية موضوعًا مثيرًا للجدل، إذ توفر فرصًا هائلة للابتكار المالي، لكنها في الوقت نفسه تحمل مخاطر كبيرة تتطلب مزيدًا من التنظيم والوعي.
ومع استمرار تطور التكنولوجيا المالية، يبقى من الضروري أن يواكب النظام المالي هذه التحولات بعناية لتحقيق التوازن بين الاستفادة من الفرص وتقليل المخاطر المحتملة.